عائلة
الشهيد ياسر عرفات تكشف عن الاسم الحقيقي له
منذ فترة طويلة من الزمن ونحن نسمع بان اسم الرئيس
الفلسطيني الراحل هو ' ياسر عرفات ' ، وقبل عدة سنوات وخصوصا بعد عودة أبو عمار
إلى ارض الوطن ، حتى وقبل ذلك ، بدأ الكتاب والصحفيين والباحثين بكتابة كتب ومقالات
ونشرات خاصة عن حياة هذا الفارس العملاق ، وتردد الاسم الحقيقي للشهيد أبو عمار
بأنه ' محمد عبد الرحمن عبد الرؤوف عرفات القدوة الحسيني ' . وبعد ان قمت بكتابة
موضوع خاص عن حياة الشهيد أبو عمار وكيفية استشهاده ودور المخابرات الإسرائيلية في
تسميمه وقتله ، والموضوع بعنوان ' كيف مات ياسر عرفات ' ؟ تلقيت العديد من
الاتصالات لقيادات فلسطينية وأخرى من أقارب الرئيس ، منهم من أثنى على كتاباتي
ومنهم من أراد التوضيح لبعض النقاط في سيرة الشهيد أبو عمار ، ولكن ما لفت نظري هو
الاسم الذي ذكره لي احد أقرباء الرئيس ، وهو الأخ الكاتب والصحفي المعروف ' سري
القدوة ' رئيس تحرير صحيفة الصباح الفلسطينية ، طالبا مني تعديل الاسم ، حيث قال أن
الاسم الحقيقي هو محمد ياسر عبد الرؤوف داوود عرفات القدوة و كنيته 'أبو عمار'،
ومحمد ياسر، هو اسم مركب واسم أبيه هو عبد الرؤوف واسم جده داوود واسم عائلته
القدوة ، وهو واحد من سبعة إخوة ولدوا لتاجر فلسطيني ولد في مدينة القدس في 4
أغسطس/ آب 1929. وليس كما ذكر في عشرات الكتب من اخطاء شائعة حول الاسم . نعم انه
محمد ياسر عبد الرؤوف داوود عرفات القدوة و كنيته (أبو عمار)، رئيس السلطة الوطنية
الفلسطينية المنتخب في عام 1996 . ترأس منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1969، وهو
قائد حركة فتح أكبر الحركات داخل المنظمة. فاز مع إسحاق رابين بجائزة نوبل للسلام
سنة 1994. لم تكن حياة الراحل الرمز ياسر عرفات إلا تاريخا متواصلا من النضال
والمعارك التي خاضها وأسس من مجموعها تاريخا جديدا وحديثا لفلسطين ، بحيث غدت
القضية الفلسطينية رمزاً عالمياً للعدالة والنضال، وجعل من كوفيته رمزا يرتديه كافة
أحرار العالم ومناصري قضايا السلم والعدالة العالميين.
الشهيد الرمز لم يبدأ تاريخه النضالي من لحظة تفجيره
الرصاصة الأولى، كانت تجتذبه ارض المعارك حيثما كانت، فكان مقاتلاً شرساً خاض معارك
عسكرية بعد تلقيه التدريب العسكري اللازم من قبل 'جيش الجهاد المقدس 'بقيادة القائد
الشهيد عبد القادر الحسيني بعد التحاقه بقوات الثورة في العام 1948، وأسندت إليه
مهمة الإمداد والتزويد بالأسلحة سراً من مصر وتهريبها عبر رفح للثوار في
فلسطين.
لم يثن التعليم ، الطالب ياسر عرفات المتفوق في 'كلية
الهندسة - جامعة الملك فؤاد / أي جامعة القاهرة' ، عن ترك مقاعد الدراسة، والتوجه
لقناة السويس المحتلة، لقتال قوات الجيش البريطاني ، مع إخوانه من الفدائيين
المصريين عام 1951 ،إيماناً و قناعة بأن أرض العروبة – وحدة لا تتجزأ – وبأن قتال
وهزيمة الاستعمار في موقع جغرافي هو إيقاع هزيمة بالاستعمار عامة ، كما أن الفعل
الثوري وإن تغيرت معالمه الجغرافية ، كل لا يتجزأ.شارك للمرة الثانية متطوعاً في
'حرب الفدائيين' عام 1953 في قناة السويس ، هذه الحرب التي غيرت من دور الاستعمار
البريطاني ووجوده 'شرق السويس'، وفرضت أخيراً ، الجلاء البريطاني عن الأراضي
المصرية.
أرسل في عام 1953 ، خطاباً للواء محمد نجيب أول رئيس
لمصر عقب قيام ثورة 23 يوليو/ تموز 1952. ولم يحمل هذا الخطاب سوى ثلاث كلمات فقط
هي 'لا تنس فلسطين'. وقيل إن عرفات سطر الكلمات الثلاث بدمه، وهو من ربطته برجالات
ثورة 23 يوليو تموز عام 1952 علاقات ببعض رجالاتها الذين التقاهم أثناء حرب
الفدائيين في القناة.عمل الرئيس الراحل بحسه الوطني العميق على تثمير مشاركاته هذه
لصالح فلسطين ، فبعد أن عمل على تأسيس ' النادي الفلسطيني - القاهرة '، ينطلق
لإقامة 'رابطة الطلبة الفلسطينيين'مع رفيق دربه المرحوم فتحي البلعاوي، لتشكل
النواة والبؤرة الأولى 'للطلبة الفلسطينيين ' على مستوى العالم، هذه 'الرابطة التي
كانت أول هيئة فلسطينية منتخبة على مستوى الشعب الفلسطيني منذ النكبة عام 1948 ،
وحملت علم فلسطين إلى الدنيا بأسرها وقاتلت مشاريع التوطين ونجحت في إسقاط مشروع
جونستون لتحويل مياه نهر الأردن .
وكان لهذه ' الرابطة ' دور مركزي في إسقاط سياسة
الأحلاف الاستعمارية 'حلف بغداد' و'مبدأ الفراغ' الذي قال به الرئيس الأمريكي دوايت
ايزنهاور. وفي تشكيل ' الرابطة ' الأرضية الصلبة والقاعدة القوية لإنشاء ' اتحاد
طلبة فلسطين ' ، المتميز بكونه رافداً وطنياً أساسياً ورافعة وطنية فلسطينية رئيسة
ومركزية.
التحق الراحل ياسر عرفات بجامعة القاهرة وتخرج منها
مهندساً مدنياً. وكطالب، انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين واتحاد الطلاب الفلسطيني،
حيث كان رئيساً له من عام 1952 إلى عام 1956.
وفي القاهرة طور علاقة وثيقة مع الحاج أمين الحسيني،
الذي كان معروفاً بمفتي القدس وفي 1956 خدم في الجيش المصري أثناء حرب السويس.
التحق ياسر عرفات بعد تخرجه من 'كلية الهندسة'،'بالكلية
الحربية المصرية ' وأصبح ضابطاً في 'سلاح الهندسة'، وعاد من جديد لمنطقة قناة
السويس ليشارك مقاتلا في رد العدوان الثلاثي (الإنجليزي – الفرنسي – الإسرائيلي )
عام1956)، في بور سعيد مع رفيقه رئيس اتحاد الطلبة المصريين/ جواد حسني، الذي
أستشهد في تلك المعركة. . وفي هذه المعركة أدرك القائد الرمز أن القوة العسكرية
ممثلة بالعدوان الثلاثي لم تستطع أن تهزم إرادة شعب مصر بقيادة عبد الناصر وأن
إرادة القوة مهما عظمت . . فإنها تُهْزَم أمام قوة إرادة الشعب المقاتل.
أسس ياسر عرفات عام 1957 'اتحاد الخريجين الجامعيين
الفلسطينيين' وغادر للعمل مهندساً في الكويت، وأسس شركة مقاولات، وهناك كانت
الانعطافة الأهم في حياته تلك الانعطافة التي صنعت تاريخا حديثا وجديدا لفلسطين
وللأمة العربية في هذه المحطة من حياة القائد الرمز ، التقى وتعرف على خليل الوزير
'أبو جهاد' وتنضج الفكرة وتتشكل، ويكون التطبيق عملياً بتأسيس حركة التحرير الوطني
الفلسطيني – فتح – في خريف 1957 ويتم خلق نواة التنظيم الصلبة ، وتسمية أعضاء
'اللجنة المركزية من مؤسسي فتح ' .
في العام 1958 وأثناء عمله مهندساً في دولة الكويت، بدأ
بوضع اللبنات الأولى ل حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، حيث شكل الخلية الأولى
التي تبنت الكفاح المسلح طريقا لتحرير فلسطين وبدأ الرئيس ياسر عرفات بمحاولة جمع
عدد من البنادق من مخلفات الحرب العالمية الثانية، وفي ليلة الأول من يناير عام
1965 نفذت حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح أولى عملياتها ضد الاحتلال الإسرائيلي
بنسف محطة مائية، حيث قام ياسر عرفات بتسليم نص البيان الأول إلى صحيفة النهار
اللبنانية بنفسه، وفي أعقاب حرب عام 1967 انتقل عرفات للعمل السري في الضفة الغربية
المحتلة حيث قام بتنظيم مجموعة من خلايا المقاومة، واستمر ذلك مدة أربعة أشهر.
وانتخب في 3 شباط/فبراير عام 1969 رئيساً لمنظمة التحرير الفلسطينية أثناء انعقاد
المجلس الوطني الفلسطيني في القاهرة واستمر الزعيم بالعمل على تنظيم واستقطاب
المزيد من الكوادر، للتحضير والعمل على إطلاق رد جيل النكبة ، هذا الرد الذي حمل في
طياته بعثا جديدا للشعب ورسم ملامح الهوية النضالية الفلسطينية.
ويضع 'أبو عمار' مع إخوانه، صياغات المرحلة القادمة
لعقود وعقود من السنين، وتكون الانطلاقة، ويكون التفجير, تفجير المنطقة برمتها/في
نفق عيلبون/ في الاول من يناير/كانون الثاني 1965 في البيان الأول ' للقيادة العامة
لقوات العاصفة ' عندما نطق بكلمة السرّ 'حتى يغيب القمر'، أعلنت فتح ثورتها وانطلقت
عاصفتها لتدق أول مسمار في نعش الوجود الإسرائيلي، وتناقلت صحف العالم نبأ ثورة
أبناء المخيمات، ثورة اللاجئين، ثورة تحمل رايات التحرير والعودة لتقضي على التشرد
والشتات ، ويقود مسيرة الفعل الميداني.
في أعقاب حرب 1967، توفرت ل ياسر عرفات ظروفاً ملائمة
لتطوير الثورة ومقاومة الاحتلال حيث يتواجد أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين في
الأردن، عمل الرئيس ياسر عرفات 'أبو عمار' على تدريب العديد من الشباب الفلسطيني
على عمليات المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي وذلك عبر التسلل عبر الحدود ونهر
الأردن حيث وجهت مجموعات المقاومة ضربات موجعة للعدو الإسرائيلي الأمر الذي دفع
الحكومة الإسرائيلية بشن هجوم ضخم على بلدة الكرامة الأردنية، بهدف القضاء وتدمير
قواعد المقاومة الفلسطينية، وكان ذلك في مارس سنة 1968، أظهرت المقاومة الفلسطينية
بقيادة أبو عمار بطولة خارقة في معركة الكرامة حين تصدت للدبابات والطائرات
الإسرائيلية بأسلحة خفيفة بدائية، وألحقت بالقوات الإسرائيلية خسائر فادحة في
الأرواح والمعدات، وكان لهذه المعركة، التي لم تستطع إسرائيل من تحقيق أهدافها حيث
أجبرت على الانسحاب أمام ضربات المقاومة، تأثير كبير على الشارع الفلسطيني والعربي
خصوصاً وأنها حدثت في أعقاب هزيمة حرب عام 1967م، حيث ارتفعت المعنويات وأثبتت هذه
المعركة أن المقاتل العربي يمكنه القتال بشراسة ضد الغازي المحتل، واحيي الأمل لدى
الفلسطينيين في التحرير والعودة بتصميمهم على الكفاح المسلح من اجل ذلك .
وبعد أحداث أيلول/سبتمبر أيلول الأسود عام 1970 قررت
المقاومة الانتقال إلى لبنان بعد تدخل العديد من الوساطات العربية لإنهاء الصدام
بين الجانبين الأردني والفلسطيني، وخرج أبو عمار سراً من الأردن إلى القاهرة لحضور
مؤتمر القمة العربي الطارئ الذي عقد لتناول أحداث أيلول 1970.
وفي لبنان أعاد أبو عمار ترتيب صفوف المقاومة ومواصلتها
معتمداً على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.اتخذ مؤتمر القمة العربية التي
عقدت في 29/10 عام 1974 في الرباط قراراً باعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل
الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وفي 13/11/1974م، ألقى أبو عمار كلمة هي الأولى من
نوعها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث قال عبارته المشهورة 'لا تسقطوا غصن
الزيتون من يدي' ومنحت منظمة التحرير الفلسطينية صفة مراقب في الأمم المتحدة
.
بعد اشتداد عمليات المقاومة، وتسديد ضرباتها الموجعة
للمحتل الإسرائيلي، اجتاح جيش الاحتلال الإسرائيلي بقيادة وزير الدفاع الإسرائيلي
آرئيل شارون في ذلك الوقت لبنان حتى وصل إلى مشارف بيروت وقام بحاصر بيروت الغربية،
وهي المنطقة التي يتواجد فيها مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية والعديد من قوات
وكوادر المقاومة وعلى رأسهم أبو عمار، دام الحصار 88 يوماً وقف فيها أبو عمار
ورفاقه من القادة والمقاتلين والحركة الوطنية اللبنانية وقفة ثابتة في أروع ملحمة
سطرت آيات الصمود والتصدي، ولم تتمكن قوات الاحتلال من اقتحام بيروت أمام صمود
المقاومة، وبعد وساطات عربية ودولية خرج أبو عمار ورفاقه من بيروت إلى تونس وكان
ذلك في يوم 30/8/1982م كما توزعت قوات الثورة الفلسطينية على العديد من الدول
العربية.
وتوجه ياسر عرفات إلى تونس بعد خروجه من بيروت ليقود
منها حركة الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية السياسية والعسكرية
والتنظيمة وفي أكتوبر 1985 نجا ياسر عرفات وبأعجوبة من غارة إسرائيلية استهدفت مقر
المنظمة ومقر إقامته في منطقة حمام الشط إحدى ضواحي تونس العاصمة مما أدى إلى سقوط
العشرات من الشهداء التونسيين إضافة إلى الفلسطينيين.
بعد اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987، انعكست
تأثيراتها على القضية الفلسطينية، التي كادت أن تشهد فترة من اللامبالاة العربية
والدولية لتعيد لهذه القضية مكانتها كأهم واخطر قضية في العالم، وعلى اثر ذلك عقد
المجلس الوطني الفلسطيني دورته التاسعة عشرة، في شهر تشرين الثاني من عام 1988م وفي
هذه الدورة اعلن أبو عمار وثيقة الاستقلال، وفي ابريل من عام 1989م كلف المجلس
المركزي الفلسطيني أبو عمار برئاسة دولة فلسطين .وفي أعقاب حرب الخليج الأولى،
أجريت العديد من الاتصالات الدولية بشأن البدء بمناقشة سبل حل القضية الفلسطينية،
أسفرت عن عقد مؤتمر دولي للسلام في مدينة مدريد العاصمة الإسبانية، شارك فيها الوفد
الفلسطيني ضمن وفد مشترك أردني فلسطيني، وبعد هذا المؤتمر عقد جولات عديدة من
المفاوضات في واشنطن واستمرت المفاوضات دون الوصول إلى نتيجة بسبب المماطلة
الإسرائيلية.
في عام 1990 أعلن أبو عمار عن أجراء اتصالات سرية بين
الجانب الفلسطيني والإسرائيلي، أسفرت فيما بعد عن توقيع اتفاقية إعلان المبادئ بين
إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن بتاريخ 13/9/1993، والتي عرفت
باتفاقية غزة - أريحا أولاً، وبعدها عقدت سلسلة من الاتفاقيات منها اتفاقية أوسلو
المرحلية في 28/9/1995، ومذكرة شرم الشيخ وطابا، وواي ريفر، وبروتوكول باريس
الاقتصادي، وعلى اثر توقيع اتفاقية إعلان المبادئ، انسحبت القوات الإسرائيلية من
بعض المناطق في قطاع غزة ومدينة أريحا، وفي 4/5/1994 دخلت أول طلائع قوات الأمن
الوطني الفلسطيني إلى ارض الوطن، لتبدأ عمل أول سلطة وطنية فلسطينية على الأرض
الفلسطينية بقياد ياسر عرفات رئيس دولة فلسطين. بعد ان عاد الى ارض الوطن في
1/7/1994.
في يوم 20 كانون الثاني يناير عالم 1996، نظمت أول
انتخابات فلسطينية لانتخاب أعضاء المجلس التشريعي وانتخاب رئيس السلطة التي نصت
عليها اتفاقات السلام الفلسطينية الإسرائيلية، حيث تم انتخاب الرئيس ياسر عرفات
رئيساً للسلطة الوطنية الفلسطينية.
في 25 تموز يوليو 2000 عقدت قمة فلسطينية إسرائيلية في
منتجع كامب ديفيد بالولايات المتحدة الأمريكية برعاية أمريكية، كان أبو عمار رئيساً
للوفد الفلسطيني، وايهود باراك رئيس وزراء إسرائيل رئيس الوفد الإسرائيلي برعاية
الرئيس بيل كلينتون رئيس الولايات المتحدة الأمريكية انتهت بالفشل أمام التعنت
والصلف الإسرائيلي وتمسك أبو عمار بالحقوق الفلسطينية.
في 18 من شهر أيلول سبتمبر عام 2000 أقدم آرئيل شارون
على محاولة دخول المسجد الأقصى المبارك على الرغم من النداءات المتكررة من الرئيس
ياسر عرفات بعدم الإقدام على مثل هذه الخطوة الخطير، ولم يأبه شارون بهذه النداءات
أو غيرها التي صدرت عن الأمين العام للأمم المتحدة والزعماء العرب وغيرهم، وأثارت
هذه الخطوة مشاعر الشعب الفلسطيني الذي هب إلى مواجهة القوات الإسرائيلية التي
أحاطت بشارون لحمايته، فتصدت القوات الإسرائيلية إلى جموع الفلسطينيين العزل ليسقط
عدد كبير منهم بين شهيد وجريح، وسرعان ما انتقلت الشرارة إلى باقي الأراضي
الفلسطينية معلنة اندلاع انتفاضة الأقصى مازالت مستمرة حتى ألان على الرغم من
القيام بالعديد من المبادرات والمؤتمرات وأهمها تقرير لجنة متشيل، ووثيقة تينيت،
وخطة خارطة الطريق.
في الثالث من شهر كانون الأول ديسمبر عام 2001، قررت
حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة ارئيل شارون فرض حصار على الرئيس عرفات في مبنى
المقاطعة برام الله، ومنعته من التحرك والانتقال حتى داخل الأراضي الفلسطينية بين
مدنها وبلداتها لمتابعة أمور الشعب الفلسطيني، وهدد مراراً على الأقدام بهدم مبنى
المقاطعة على رأس الرئيس ورفاقه ومعاونيه المتواجدين معه في المقاطعة.
وقامت بتدمير أجزاء كبيرة من المبنى، ولكن الرئيس أبو
عمار وكعادته ظل صامداً أمام هذه الهجمة الإسرائيلية وأثناء الاجتياح الإسرائيلي
لرام الله في أواخر مارس عام 2002 قال عبارته المشهورة 'يريدوني إما طريداً وإما
أسيراً وإما قتيلاً، لا أنا أقول لهم شهيداً، شهيداً، شهيداً'، في يوم الثلاثاء 12
أكتوبر 2004 ظهرت أولى علامات التدهور الشديد على صحة الرئيس ياسر عرفات، فقد أصيب
الرئيس كما قرر أطباءه بمرض في الجهاز الهضمي، وقبل ذلك بكثير، عانى عرفات من أمراض
مختلفة، منها نزيف في الجمجمة ناجم عن حادث الطائرة، ومرض جلدي (فتيليغو)، ورجعة
عامة عولجت بأدوية في العقد الأخير من حياته، والتهاب في المعدة أصيب به منذ تشرين
أول أكتوبر 2003. وفي السنة الأخيرة من حياته تم تشخيص جرح في المعدة وحصى في كيس
المرارة، وعانى ضعفاً عاماً.
تدهورت الحالة الصحية للرئيس تدهوراً سريعاً في نهاية
أكتوبر 2004، حيث رأى الأطباء ضرورة نقله إلى الخارج للعلاج، وقامت على أثر ذلك
طائرة مروحية على نقله إلى الأردن ومن ثمة أقلته طائرة أخرى إلى مستشفى بيرسي في
فرنسا في 29 أكتوبر 2004. حيث أجريت له العديد من الفحوصات والتحاليل الطبية.
وكانت صدمة لشعبه حين ظهر الرئيس العليل على شاشة
التلفاز مصحوباً بطاقم طبي وقد بدت عليه معالم الوهن. وفي تطور مفاجئ، أخذت وكالات
الأنباء الغربية تتداول نبأ موت عرفات في فرنسا وسط نفي لتلك الأنباء من قبل
مسؤولين فلسطينيين.
وتم الإعلان الرسمي عن وفاته من قبل السلطة الفلسطينية
في 11 نوفمبر 2004. وبهذا نفذت إرادة الله ، واستشهد قائداً وزعيماً ومعلماً وقد
دفن في مبنى المقاطعة في مدينة رام الله بعد أن تم تشيع جثمانه في مدينة القاهرة،
وذلك بعد الرفض الشديد من قبل الحكومة الإسرائيلية لدفن عرفات في مدينة القدس كما
كانت رغبه عرفات قبل وفاته.